العقاب.. ماذا يحدث لأطفالنا حين نعاقبهم؟!

ماذا يحدث لأطفالنا حين نعاقبهم؟ ربما يتوقفون عن السلوك السىء؟ لكن هل هذا كل شىء؟ هل هناك آثار نفسية سيئة؟ يجب ألا ننظر فقط للسلوك الظاهرى, لكن علينا أن نهتم أيضا بما يدور داخل عقل و نفسية الطفل.
يختلف شعور الطفل حسب شخصيته و شخصية الأهل و شدة العقاب و الموقف عموما… لكن بصفة عامة هناك قائمة أساسية من المشاعر و الأفكار لن يخرج الطفل عن إحداها:
- هذا ظلم, إنهم يظلموننى و يضايقوننى, إنهم لا يهتمون بى و لا يفكرون فى و لا يفهموننى…(انعدام التواصل و التفاهم)
- لقد ارتكبت خطأ فظيعا, إنهم فعلا غاضبين منى بشدة, أنا سىء, أنا لا أستحق حبهم ( نقص الثقة بالنفس)
- فى المرة القادمة لن أدع أحد يرانى و سأستطيع أن أفعل ما يحلو لى من خلف ظهورهم (تعلّم الخداع و المراوغة)
- لقد انتصروا علىّ هذه المرة و فرضوا إرادتهم, لكننى سأفعل ما أريد لاحقا, لن يكسروا إرادتى أبدا (الدخول فى حلقة مفرغة من صراع السلطة)
إذن المشاكل التى قد تحدث نتيجة للعقاب هى إما انعدام التفاهم بين الأهل و الطفل ( و هى مشكلة كبيرة خاصة فى المراهقة), أو ضعف الثقة بالنفس, أو أن يتعلم الطفل كيف يخدع أهله, أو الدخول فى دائرة العند و العند المضاد و كل من الأهل و الطفل يرغب فى فرض سيطرته.
هذا بالإضافة إلى أن التوقف عن السلوك السىء غالبا ما يكون مؤقتا.
هل هذا ما كانت الأم تنتظره من العقاب؟!
يبدو إذن أن العقاب ليس ضروريا فى كثير من الحالات, و أن له آثار نفسية و سلوكية سيئة حتى لو توقف الطفل عن السلوك السىء.
علينا إذن أن نبحث عن بدائل أكثر إيجابية لتعديل سلوك أطفالنا, و يفضّل أن نستخدم أى وسيلة تتصف بهذه الصفات:
- حازمة: لا معنى لأى وسيلة تربوية دون حزم, و الحزم لا يعنى الشدة, بل يعنى الإصرار على السلوك السليم.
- هادئة و غير مهينة: لماذا نقرن التوجيه دائما بالصراخ و الانفعال و الغضب و الكلمات المهينة؟!! يمكنك أن تطلب ما تريد و أن تصرّ عليه دون أى إساءة للطفل و لا جرح لمشاعره و لا انتقاص من ثقته بنفسه.
- تعليمية: يجب أن تتضمن الوسيلة المستخدمة فى التوجيه تعليم الطفل مهارة أو خلق أو سلوك سليم ( الاهتمام لمشاعر الآخرين, احترام الكبار, تنظيم الوقت, التعاون,….)
إذا حاولنا جمع كل هذه النقاط فى شكل عملى قابل للتطبيق, سنجد أنه مثلا فى حالة الطفل الذى لا يرتّب غرفته, بدلا من الصراخ و العقاب, يمكننا أن نساعده على عمل جدول مبيّن به كل المهام التى يجب عليه فعلها, و يتم تعليق هذا الجدول على باب الغرفة, و تذكره الأم يوميا بمتابعة الجدول.
و هكذا فى كل مشكلة تواجهنا, لا توجد حلول سحرية أو حلول نهائية, بل يوجد دائما سبب وراء سوء السلوك, علينا أن نفهمه, و علينا أن نبحث عن أسلوب لمواجهة المشكلة و حلها بعيدا عن العقاب و آثاره النفسية. هذا لا يعنى الاستغناء تماما عن العقاب, و لكن يعنى أنه لا يكون الحل الأول الذى نلجأ له, بل تكون الأولوية للأساليب التعليمية التى تتضمن تفهّم دوافع الطفل و فى نفس الوقت ليس لها آثار نفسية و سلوكية سيئة.