المراهق و العلاقات العاطفية والجنسية.. كيف نتصرف؟
حين يبلغ الطفل مرحلة المراهقة، يبدأ عالمه الداخلي بالاتساع: مشاعر جديدة، أسئلة حساسة، رغبات قوية وفضول لا يتوقف. من بين أكثر المواضيع حساسية وصعوبة في هذه المرحلة: العلاقات العاطفية والجنسية. كثير من الآباء يخافون الحديث في هذا المجال، إما بدافع الخجل أو لاعتقادهم أن السكوت هو وقاية. لكن الحقيقة أن الصمت لا يحمي، بل يترك المراهق وحيدًا يتعلم من مصادر غير آمنة، كأصدقاء السوء أو الإنترنت أو التجربة المباشرة.

أولاً: التأسيس من الفكرة إلى الفهم
1. الاعتراف بوجود المشاعر الجنسية والعاطفية
من الطبيعي أن يشعر المراهق بالانجذاب العاطفي أو الجنسي. هذا لا يعني أنه سيئ، بل يعني أنه ينضج. من الخطأ أن ننكر عليه هذه المشاعر، أو نُشعره بالذنب لمجرد أنه يفكّر أو يشعر.مثال: »أفهم أنّك بدأت تشعر بانجذاب نحو الفتيات، وهذا أمر طبيعي، المهم أن تتعامل مع هذه المشاعر بوعي واحترام. »
2. الحديث الصريح قبل أن يعلّمه الإنترنت
لا تنتظر حتى يرتكب المراهق خطأ، بل كن أنت المصدر الأول للمعلومة. تحدث عن الاحتلام، عن العادة السرية، عن الجنس، عن الفرق بين الحب والرغبة، بوضوح وهدوء.مثال: »العلاقة الجنسية ليست شيئًا سيئًا، لكنها تحتاج وعيًا ومسؤولية. تحدث في وقتها الصحيح، في الإطار الصحيح. »
3. تقديم القيم مع المنطق، لا بالخوف
استخدام الدين والأخلاق أمر مهم، لكن بشرط أن يكون بأسلوب يقنع العقل ويربط السلوك بالمعنى، لا بالترهيب فقط.مثال: »الله لم يحرّم العلاقات خارج الزواج ليعقّدنا، بل ليحمينا من الأذى الجسدي والنفسي، ويصون كرامتنا. »
4.فتح باب الأسئلة بلا خجل
اجعل المراهق يشعر أن بإمكانه أن يسألك عن أي شيء، مهما كان محرجًا، ولن يُوبَّخ أو يُسخر منه.مثال: »لو عندك أي سؤال عن جسمك، مشاعرك، أو أي شيء آخر… أنا هنا أسمع لك بدون ما أخجلك. »
ثانيًا: العلاقات الفعلية من المشاعر إلى القرارات
1. فهم طبيعة العلاقة في هذا السن
العلاقات العاطفية في سن المراهقة غالبًا ما تكون سريعة، سطحية، متأثرة بالأفلام ومواقع التواصل. على المراهق أن يعرف أن الحب الحقيقي لا يُقاس بعدد الرسائل أو الصور، بل بالاحترام والمسؤولية.مثال: »من يحبك لا يطلب صورًا خاصة، ولا يضغط عليك لتفعل شيئًا يحرجك أو يؤذيك. »
2. التحذير من الاستغلال العاطفي والجنسي
كثير من المراهقين يقعون ضحية لمن يوهمهم بالحب من أجل علاقة جسدية. هنا يأتي دور التوعية الواضحة.رسالة صريحة: »إذا كان الشخص يطلب جسدك مقابل حبه، فهو لا يحبك بل يستغلّك. «
3. تعليم قول « لا » ووضع الحدود
درّب ابنك أو ابنتك على أن تقول « لا » بثقة، دون خوف من الرفض أو الفقد. وعلّمه أن الاحترام يبدأ من احترام الذات.مثال: »لا ترسل صورًا خاصة، لا تخرج بمفردك في أماكن مغلقة، لا تسكت إذا شعرت بعدم ارتياح. »
4. الاحتواء بعد الخطأ
إذا وقع المراهق في علاقة مؤذية أو مارس سلوكًا جنسيًا، لا تقابله بالتحطيم، بل بالاحتواء والتصحيح.مثال: »أنت أخطأت، نعم، لكنك ما زلت ابني/ابنتي، وسأساعدك على التعافي والنهوض من جديد. »

التربية في هذا المجال ليست سهلة، لكنها ضرورية. لا تُسلّم أبناءك للإنترنت والأصدقاء، وابقَ حاضرًا كأب أو أم صادقين، صبورين، واقعيين. العلاقات العاطفية والجنسية ليست شرًا مطلقًا، بل قوة يجب أن تُفهم وتُوجّه وتُحترم. حين نتحدث، نحمي. وحين نصمت، نترك أبناءنا وحدهم في مواجهة أخطر تحديات المراهقة